الاردن بعد تصويت الكنيست على الوطن البديل: دعوات لإعادة خدمة العلم وسيناريوهات حرب محتملة

غزة-دنيا الوطن
كتب بسام البدارين في صحيفة القدس العربي:"تجنب الحكومة الاردنية للإثارة الاعلامية والعلنية ردا على تصويت الكنيست الاسرائيلي الاخير يستهدف، كما تسرب نخبة من المسؤولين فهم المسألة وهضمها قبل رسم حدود ردود الفعل مع ان هذا التصويت الحق ضررا بالغا الآن ليس فقط بالمصالح الاردنية الوطنية، ولكن بما تبقى من سمعة لعملية السلام ولخطاب الاعتدال بما في ذلك الخطاب الرسمي.

التحركات التي شهدها الشارع الاردني خلال نهاية الاسبوع المنصرم تثبت مرة اخرى بأن قرار الكنيست المثير للجدل منح قوى المعارضة المحلية لاتفاقية السلام والتطبيع اوراقا يمكن اللعب بها لعدة اسابيع رغم ان القراءة الرسمية للموقف تتحدث عن تصويت يشبه الهذيان للاسرائيليين لا احد من الشخصيات المهمة في اسرائيل والعالم يوافق عليه.

وعليه استثمرت قوى المعارضة النقابية والاسلامية الموقف تماما للتنديد ليس فقط باسرائيل ولكن بالسلام معها وطالبت الحكومة بالاستعداد لخيارات الحرب بعد اصدار عشرات البيانات التي تعتبر تصويت الكنيست على قرار يدعم تخصيص الجنسية الاردنية لأهالي الضفة الغربية بمثابة اعلان حرب على الاردنيين حكومة وشعبا.

ومن الواضح ان انصار السلام في عمان الآن يتوارون تماما عن الانظار فالصوت الاعلى في كل قطاعات الشارع الاردني هو صوت المقاومة وخيار المواجهة الذي تجاهلته السياسة الاردنية طوال 15 عاما.

وعلى هذا الاساس تنظم الفعاليات وتصدر البيانات الآن لكن صمت الحكومة الاردنية التي تتجنب التصعيد حتى الآن على الاقل يوحي بأن المسألة تدرس جيدا وبعيدا عن الصخب، فدوائر القرار الاردنية تريد ان تفهم ما اذا كان الاسرائيليون في الكنيست يعبرون فقط عن هذيان بعض نشطاء اليمين كما يصف وزير الاعلام نبيل الشريف ام ان المسالة لها عمق ابعد من ذلك.

ومباشرة بعد تصويت الكنيست الذي اعتبر وطن الفلسطينيين هو الاردن سارعت الدبلوماسية الاردنية لاستدعاء السفير الاسرائيلي والاحتجاج رسميا قبل ان تصل توضيحات وشروحات من رئيس الدولة الاسرائيلي شمعون بيريس تلفت الانظار الى ان ما حصل محدود ولا يمثل دولة اسرائيل ولا ينبىء بانقلاب على اتفاقية وادي عربة.

لكن الجانب الاردني يكتفي حتى الآن بالعمل الصامت، فعمان لم تقبل شروحات بيريس وطالبت عبر الكواليس حكومة نتنياهو باعلان موقف واضح مما جرى مؤخرا في الكنيست، فيما يتم الاتصال حاليا مع واشنطن التي تتخذ موقفا متعاطفا مع الجانب الاردني في ضوء تصويت الكنيست وبشكل لا يحرم الفلسطينيين فقط من دولتهم ولكن يتآمر وفقا لقراءات الاعلام الاردني على مصالح الدولة الاردنية ايضا.

وكل المعطيات في الجانب الرسمي تقول بأن عمان تفضل وصول شروحات واكتمال الصورة حتى تفهم خلفية التحرك اليميني الاسرائيلي .

بعض الخبراء في عمان يفضلون التحدث عن سيناريو ينضج بهدوء ويستبعدون عزل تصويت الكنيست عن هذا السيناريو، والبعض الآخر بدأ يقول مبكرا بأن ارتباط الكيان الفلسطيني المقبل اقل من دولة بالدولة الاردنية فيه مصلحة مباشرة للاقتصاد الوطني الاردني وهي مقولة غير شعبية الآن ولا احد في الواقع يتبناها في الصف الرسمي.

والاعتقاد العام ان تصويت الكنيست الذي اثار عاصفة من الاعتراض الشعبي في عمان لم توازها عاصفة سياسية رسمية حتى الآن على الاقل، ليس تعبيرا عن حالة هذيان فقط، كما وصفها الوزير الشريف، بقدر ما هي تعبير عن تفاعلات مفتوحة على كل الاحتمالات تشهدها المنطقة وستنتهي بخيارين لا ثالث لهما يستعد لهما الاردن، وهما التوصل للسلام واغلاق ملف الصراع بأي ثمن او المواجهة العسكرية وولادة حروب اقليمية جديدة، وليس سرا هنا ان الدولة الاردنية جاهزة للتصدي ومستعدة لكل الخيارات بكل الاحوال.

وليس سرا الآن في عمان بأن الشارع في حالة غليان فكل القوى الفلسطينية او ذات التعبير الفلسطيني ترفض الخيارات البديلة وكل القوى الاساسية والتقليدية في المجتمع الاردني تتبنى الآن خطابا يدعو للاستعداد للمعركة والمقاومة وهذا ما ظهر في بيان تبناه المعارض البارز ليث الشبيلات، كما ظهر في بيان للتيار الاسلامي.
ولم يعد هناك مجال في الاردن بعد تصويت الكنيست على القرار الغريب والمفاجىء لأي صداقة من اي نوع مع معسكر السلام او انصار السلام .. حتى الحكومة الاردنية تجد صعوبة الآن في التحدث عن السلام في وجه الشارع المعادي لمشاريع اسرائبل المتطرفة، فقد قال عضو البرلمان ممدوح العبادي ان تصويت الكنيست يبلغنا جميعا بالحقيقة التي حاولنا لسنوات تجاهلها وهي ان المجتمع الاسرائيلي خصم وعدو ومتطرف ويستهدف الاردنيين مع الفلسطينيين.

ويمكن القول ان اجواء الصدمة متاحة داخل اروقة القرار التي تراقب بحرص ما يجري، فالسفارة الاردنية في تل ابيب تسهر منذ اسبوع وهي تحاول تلبية حاجة المركز في عمان لمعلومات وتقديرات وداخل اطر القرار الرسمي هناك من يقول الآن بالاستعداد للخيارات الاسوأ والصراع العسكري في الاقليم.

حمى الاعتراض الشعبي الاردني وصلت لحد المطالبة باعلان الاستنفار وتسليح الشعب والعودة لخدمة العلم للدفاع عن الوطن الاردني ضد الاستهداف، على حد تعبير الكاتب الصحافي محمد الصبيحي، والمزيد من الترقب الصامت على الجبهة الحكومية يعني الاستماع يوميا للمزيد من التصعيد الشعبي".
وتقدم أعضاء بارزون في البرلمان الأردني أمس لأول مرة بمشروع قانون جديد مقترح لإلغاء قانون إتفاقية وادي عربة الموقع مع إسرائيل عام 1994 ردا على مشروع قانون قرره الكنيست الإسرائيلي يعتبر الأردن وطنا للفلسطينيين ويطالب بمنح اهالي الضفة الغربية الجنسية الاردنية.
وقاد النائب في البرلمان الأردني خليل عطية المذكرة الجديدة التي تطالب بإلغاء قانون إتفاقية وادي عربة ردا على التعنت الإسرائيلي كما قال لـ'القدس العربي'، وهو يوضح بان الشعب الإسرائيلي أثبت مرة أخرى انه لا يحترم المواثيق ولا يؤمن بالسلام.
وتقترح المذكرة التي قدمها عطية ووقع عليها تسعة نواب آخرون قانونا جديدا يلغي القانون الأول المسمى بإتفاقية وادي عربة. وتحدد المذكرة التي حصلت عليها 'القدس العربي' الأسباب الموجبة لذلك وهي قيام الجانب الإسرائيلي بخرق إتفاقية وادي عربة الموقعة مع الأردن.
وعددت المذكرة البرلمانية الأردنية مظاهر الخرق الإسرائيلي المتمثلة بإعتراف كل طرف بسيادة الآخر ومخالفة البند المتعلق باحترام سيادة وسلامة واستقلال الموقعين على إتفاقية السلام.
وقالت مذكرة نواب الأردن ان الطرف الإسرائيلي خالف البند المتعلق باحترام علاقات حسن الجوار والتفاهم المتبادل، كما خالف النص المتعلق بالإمتناع عن بث الدعايات القائمة على التعصب والتمييز مع الإلتزام بعدم بث مظاهر التمييز والتعصب في كل المطبوعات الحكومية.
وجاء في نص المذكرة البرلمانية ان المقترح الذي أقره الكنيست الإسرائيلي مثال حي على خرق معاهدة السلام الأردنية الأسرائيلية وهو يقضي باعتبار الأردن وطناً للفلسطينيين إضافة الى انه خرق لكل المواثيق والأعراف والمعاهدات الدولية.
وجاءت هذه المذكرة مفاجئة للغاية في ضوء مضمونها وجرأتها، حيث انها المرة الأولى منذ 15 عاما التي يقترح فيها نواب من أركان البرلمان قانونا يلغي قانون وادي عربة. كما جاء التوقيع على المذكرة مفاجئا ايضا، فقد تبناها رئيس اللجنة المالية الأسبق وأحد اهم أركان المجلس خليل عطية ووقع عليها وزير العدل الأسبق والزعيم الوطني عبد الكريم الدغمي، كما وقع عليها رئيس اللجنة القانونية في المجلس الذي حاول محاكمة قادة إسرائيل دوليا النائب مبارك أبو يامين، إضافة إلى نخبة من ممثلي العشائر المهمة في البرلمان وهم النواب يوسف القرنة وعدنان السواعير وصلاح الزعبي وهاني النوافلة والدكتور علي الضلاعين وصلاح الزعبي ورسمي الملاح.